لماذا النباتية ؟
تجوب أنحاء تويتر وتلاقي تعليقات من نوع " النباتي يموت لو انه ما يقول نباتي" او " طيب انتوا تاكلون أكل الحيوانات
" "الخس يحس", اذكر في بداياتي كنت أغضب من هذي التعليقات لكن بعد كل هذي السنوات صرت اما اتجاهلها بشكل تلقائي او مرات الاقي الجانب الظريف فيها واقدر محاولات المتحدث على محاولة امتلاك حس الدعابة, وهذا ما يحدث لعد عدة سنوات من التعرض للسخافات. تنضج وتكبر راسك وتبتدي تفهم البشر بشكل اوضح.
بديت بالنباتية في اكتوبر 2016, لو بتكلم عن ذاك اليوم تحديدا في ليلة اليوم الاول من اجازتي السنوية كاحتفال طلبت لي من المطعم ساندويتش سبانخ مشكل كوجبة عشاء, وهي عبارة عن (سبانخ, خضار, لحم, جبن) وبعد ما انتهت مراسم الاحتفال غرقت بالنوم وحلمت اني ابحث عن اكل نباتي لببغائي, واستيقظت اليوم الثاني وانا اشعر بمغص- وهو كان امر روتيني بتلك الفترة لعدم معرفتي بحساسيتي من اللاكتوز- واول فكرة خطرت في بالي " اوكي اظن اني بجرب ان اصير نباتية.
ماكانت الفكرة طبعا وليدة اللحظة من طفولتي عن طريق الافلام كنت اسمع عن النباتيين و بما اني كنت محبة للحيوان كنت احس انه امر جميل بس صعب جدا, كيف من المطلوب ان اتخلى عن البيتزا والبرجر؟ هي اطعمتي المفضلة !! بالمقابل كنت اشعر بتناقض مستمر, احب الحيوانات جدا ولكني اكلهم, كنت ارفض اكل السمك بسبب انه محافظ على وجهة واحسه امر سيء ان أكل مخلوق عيونه جاحظة ويبحلق فيني بفزع يراقبني ارتكب جريمتي بحقه, ورفضت اكل اللحم الأحمر بسبب مواقف الخراف اللي نشوفة للحظات وبعدها نشوفة موزع في اطباق بالرغم من لحوميتي كان امرمقزز جدا ان اكل مخلوق شفته وسمعت صوته وشفته يساق قدامي لمصيره, رغم مقاومته لكن لا أحد يعبأ لانه مصنف كـ لذيذ.
بعام 2016 بدأت النباتية تصير رائجة في العالم العربي لذلك بدأت بالمقترح الشائع " أن تبدأ كـ فيجيتيريان تدريجيا وتتدرج بها الى النباتية الصرفة", بالحقيقة ماكنت اعتقد اني راح اصمد اكثر من شهر وصديقتي راهنت على اسبوع, بالرغم من ثقل الخطوة الى ان صدمتني سهولتها, الخفة اللي كنت اشهرفيها , كفيجيتيريان- وكنت مخططة ان اكمل كـ فيجيتيريان لاني ايضا كنت استصعب الفيقانيزم- خصوصا اني كنت مكملة مع وجباتي اللي احبها تتضمن البيض والاجبان بالاصح انقضيت عليها حتى اسد الفراغ في نظامي اللي خلفه انقطاعي عن الدجاج بكل وصفاته, الامر تسبب بكثرة الحبوب بوجهي وتهيجت الاقزيما اضعاف لاني اتحسس من المواد المذكورة.
السبب الحقيقي لتوجهي للفيقانيزم كنت اقلب بيوتيوب و وصلت لمحاضرات الناشط النباتي "قاري يوروفسكي" واستعرض حقائق مزارع البيض ومنتجات الحليب وكانت تلك اللحظة كضربة على الرأس, اكتشفت اني كنت مغيبة مخدوعة واخدع نفسي بعبارة ان على الاقل لايقتلون الدجاجة او البقرة فقط يستفيدون من منتجاتهم, رفضت ان اكون جزء ومتسبب لمعاناة الكثير من المخلوقات, وبحلول مارس 2017 تحولت للنباتية الصرفة.
كان التحدي الحقيقي ان ابني نظام جديد يتحدى وينفض تربيتي لستة وعشرون عام, وبذلك الوقت كان توفير المنتجات تحدي لاني اسكن بعيد عن المدن الرئيسية وكانت النباتية جدا نادرة لذلك كان الوصوللحليب الصويا شبه تحدي والتوفو الاقيه مرة بالسنة, بكل مرة افتح فيديوز الوصفات المكونات تكون اللي احب اسميها مكونات جزر الواق واق, تكون نادرة وصعبة النطق, في تلك الفترة تعلمت كيف ممكن اقلب نظامي الغذائي وهو امر له قواعد سهلة جدا:
1- افعلها بالتدريج, لا تصدم نفسك, مهما كانت قوة عزيمتك النفس البشرية عنيدة ومعقدة وماتحب المفاجآت.
2- لا تقطع صنف الا وقد وفرت بديل له, كما ذكرت النفس البشرية لا يمكن تطويعها بسهولة.
3- لاقي الحل اللي يرضي ذائقتك ومحفظتك, لا تتجه للمستورد العضوي وباهض الثمن او لا تتكل عليه 100%, بيتغذى على محفظتك ويتركك تشعر باليأس وقلة الحيلة, وكثير منه مصنع- كبدائل الأجبان والبرجر المقاربة لطعم اللاحم- وهو له ضرر اكثرمن نفع بينما يتفرض النباتية ان تكون اصح واخف للجسم.
وتعقيبا على آخر نقطة يرى البعض انه من عيوب النظام النباتي انه باهض الثمن ولما اقرا التعليق اعرف ان الكاتب داش بالطوفة, فترة إنتقالي للنباتية كانت من الفترات الحرجة بالنسبة لي, كنت اشتغل بوظيفة رديئة استلم فيها راتب اقل بكثير من الحد الأدنى للأجور, وكانت فترة قريبة من وفاة معيل المنزل مما يعني تضاعف المسؤوليات علي, وماكان تحولي للنباتية يشكل اي عبء على العكس تماما هو ارخض بكثير من النظام اللاحم لو عرفت تتسوق صح.
بعد كثرة الحديث أرجع لسؤال العنوان " لماذا النباتية" وهنا ساذكر اسبابي :
- انا منسجمة اكثر مع مبادئ, ما أعيش حرب مع نفسي اني اعلم اني اتسبب بمعاناة مخلوقات احبها, واشعر اني اقوى من رغباتي لاني تخليت عن اطباق احبها بمليء ارادتي وطوعت حاسة التذوق حتى تنسجم مع مبادئي.
انا لا اتناول اصحابي مخي يعجز عن ايجاد الفرق بين تناول بقرة او مريم او أمجاد, كلهم أحبهم, كلهم اصحابي لا يوجد فرق,
كبرت كمحبة للحيوان, النباتية علمتني ان ما اصنف الحيوانات ك" لطيف وصاحب فرو جميل ينفع للتربية ", " لذيذ ينفع كطعام", النباتية علمتني ان ليس من حقي تصنيف اي مخلوق او تثمين حياته او سبب وجودة وبالحقيقة اشوفه نوع من الاستعلاء ان اقرر اني اهم من مخلوق اخر وانه موجود فقط لأجلي وان من حقي ان اطحن كل ما هو يسير ويطير ويزحف تحت نواضجي
واقدر قول ان النباتية علمتني ان احب صح, لما احب ما بتمنى اشوف محبوبي على صحني مشوي ومبهر.
عشت لفترات كثرة بحياتي شعرت فيها اني بلا حول او قوة او ارادة او صوت, لذلك ارفض ان اتناول الحيوانات وكلنا نعلم لو انهم امتلكوا قوة وصوت لاختلفت قواعد اللعبة, ارفض ان اتسبب بمعاناة بالاخص تلك التي اعرف طعمها.
اتفهم بعض المرات ما يمر به بعض اللاحمين من شعور وعبارات ان النباتي يبالغ بذم النظام اللاحم, واعتبره نوع من الانفصال وانا جربت وكنت بنفس الانفصال احب الحيوان واتناوله واعجز عن تخيل حجم المعاناة ماتفهمت الامر الا لما غصت بداخله.